"المحروسة" تعود لقناة السويس بعد 146 عاما.. أبحر بها الخديو "إسماعيل".. و"السيسي" على متنها في افتت

 


تعيد الاستعدادات النهائية لحفل افتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من اغسطس المقبل للذاكرة، مراسم الاحتفال الملكي بافتتاح القناة الام، ورغم مرور مئات السنوات، الا ان الرئيس عبد الفتاح السيسي، اصر علي الا يقل برنامج الحفل حفاوة عن نظيره الاول.



ويتأكد ذلك بصدور امر رئاسي بعمرة المحروسة واعادتها للابحار مرة اخري وبعد مرور ١٤٦ عاما، علي مشاركتها في احتفالات افتتاح القناة الام، حاملة علي متنها الخديوي اسماعيل وزعماء الدول.



المشهد يعيد نفسه في السادس من اغسطس المقبل، فحسب مصادر مطلعة، ان الرئيس السيسي سيبحر باليخت الملكي متفقدا المجري الملاحي الجديد، برفقته زعماء وملوك العالم.



وحسب مصادر بحرية فان اليخت الملكي يسع لـ٤٠٠ راكب علي متنه.



واكدت مصادر ضمن اللجنة الرئاسية للاحتفال، ان ضمن الفعاليات هو اطلاق سرينة السفن بـ٤٠ ميناء عالمي، بالتزامن مع الظهور الاول للسيسي مستقلا "محروسة"، تحية لافتتاح الممر الملاحي العالمي الجديد.



تغير مكان الاحتفال لم يكن وليد الصدفة بل كان في اطار عودة الحق لاصحابه، الاسماعيلية التي ظلت مهملة، رغم انها عروس مدن القناة، السيسي اراد عودة الروح لها وان تعود للعالمية بمشروعي "القناة الجديدة"، و"تنمية محور الاقليم"، وان تشهد فعاليات الافتتاح بدلا من بورسعيد والتي شهدت مراسم حفل "القناة الام".



القصة تعود من عام 1859، تحديدا في 25 أبريل، حيث دشن دي لسبس حفر القناة في عهد الخديوي سعيد، وانتهى العمل بها بعد عشر سنوات في عهد الخديو إسماعيل الذي سافر إلى أوروبا في 17 مايو 1869 لدعوة الملوك والأمراء ورؤساء الحكومات ورجال السياسة والعلم والأدب والفن لحضور حفل افتتاح القناة الذي عزم أن يقيمه في 17 نوفمبر 1869.



وبعد أن عاد الخديو إلى مصر بدأ في الإعداد للحفل الكبير فاستخدم 500 طاه وألف خادم ليكونوا في خدمة الضيوف، وطلب من دي لسبس أن يقوم بالاستعدادات لضيافة ستة آلاف مدعو.‏



وفي يوم 15 أكتوبر 1869 بدأ المدعون بالقدوم ضيوفاً على مصر في بورسعيد مقر الحفل، والتي ضاقت أرجاؤها بالمصريين القادمين من جميع أنحاء مصر لمشاهدة فعاليات الافتتاح، بإيعاز من الخديوي إلى مديري الأقاليم ليرسل كل منهم جماعة من الأهالي بنسائهم وأطفالهم وأدواتهم البيتية وركوبهم، فانتشروا على طول القناة، أعراب، وسودانيين وفلاحين، وصعايدة تعبيراً عن كافة طوائف الشعب المصري.



وسافر الخديو مع حاشيته ووزيريه نوبار باشا وشريف باشا إلى الإسكندرية حيث استقل يخته المحروسة وأبحر إلى بورسعيد، ورأى الخديو السفن قادمة من جميع أطراف العالم تحمل ضيوفه الحاضرين على نفقته الخاصة، واصطفت أساطيل الدول في مرفأ بورسعيد ومن ضمنها الأسطول المصري، وقد انتشرت على ضفاف القناة قوات الجيش المصري للحفاظ على نظام الاحتفال، وانطلقت طلقات المدافع مدوية احتفالا بوصول الضيوف واحدا تلو الآخر.‏‏



بدأت الفعاليات بحفلة دينية بعد ظهر يوم 16 نوفمبر 1869، وأقيمت ثلاث منصات خشبية كبيرة على شاطئ البحر مكسوة بالحرير والديباج ومزينة بالأعلام ومفروشة بأثمن السجاجيد ونشرت في أرجائها الرياحين والورود وصفت فيها الكراسي، فخصصت منصة الوسط للضيوف وعلى رأسهم مضيفهم خديوي مصر، وخصصت المنصة اليمنى للعلماء المسلمين في مقدمتهم الشيخ السقا والشيخ العمروسي والشيخ المهدي العباسي مفتي الديار المصرية، فيما خصصت المنصة اليسرى لأحبار الدين المسيحي ورجال الإكليروس وعلى رأسهم المنسيور كورسيا أسقف الإسكندرية والمنسيور باور الرسول البابوي.



ونصب على الشاطئ الآسيوي خيالة بورسعيد وعلى الشاطئ الإفريقي المظلات البديعة للجماهير المدعوين، ووقفت السفن بالمرفأ على شكل قوس وكان عددهم يفوق الثمانين بجانب خمسون حربية منها ست مصرية ومثلها فرنسية واثنتا عشرة إنجليزية وسبع نمساوية وخمس ألمانية وواحدة روسية وواحدة دنماركية واثنتان هولنديتان واثنتان إسبانيتان.‏‏



وفي الثانية بعد ظهر يوم 16 نوفمبر أخذ المدعوون يتقدمون نحو الإيوان والمظلات حتى جلس كل في مكانه فتوسطت الإمبراطورة أوجيني الصف الأول وإلى يمينها إمبراطور النمسا والخديو إسماعيل ثم ولي عهد بروسيا فولي عهد هولندا وعقيلته وإلى يساره جلست مدام اليوت عقيلة سفير إنجلترا بتركيا "الذي وكله السلطان بذكر اسمه عند افتتاح القناة" فالسفير إليوت فالأميرة مورا، وعلى اليمين جلس الأمير محمد توفيق باشا ولي عهد مصر فالأمير هوفمان لو فمدام أغنانيف فالجنرال أغنانيف.‏



‏دوت المدافع متتابعة من كل الجهات إيذاناً ببدء الحفل الديني، ووقف شيخ الإسلام محاطاً بالعلماء وتلا ما تيسر من القرآن الكريم ثم دعا الله أن يختص هذا العمل العظيم بعنايته ورعايته وأن يهيئ له النجاح في كل زمان، ثم تقدم المنسيور كورسيا يحوطه رجال الإكليروس وتلا صلاة حارة دعا الله فيها أن يكلأ هذا العمل ويباركه بروح من عنده، ثم تقدم المسيو باور وألقى بصوت جهوري وبعبارة فرنسية بليغة خطاباً وجهه إلى الخديو أولا خصه فيه بآيات الشكر والثناء على قيامه بهذا العمل العظيم الذي أدى إلى تصافح الشرق والغرب.



وعند المساء مدت الموائد متتابعة لستة آلاف مدعو وبها أشهى الأطعمة والأشربة، حتى إذا حلت الساعة الثانية بدت الأنوار والزينات على ضفتي القناة كأنها ضياء الصباح.



وظهر يخت الخديو المحروسة في حلة من الأنوار وأخذ يطلق مدفع بين دقيقة وأخرى والموسيقى تدوي بنغمات الفرح والسرور وانقضى الليل واختتمت الحفلة بالألعاب النارية.



وعند شروق شمس صباح يوم 17 نوفمبر كانت السفن تمر في قناة السويس وقد استعدت للإبحار وتقدمها يخت الإمبراطورة أوجيني.‏‏



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي