الطريق من الكرسى المتحرك نحو موقعها فى منتصف المسرح يبدو طويلا على قدمها العجوز، تقف وتستند إلى تصفيق الجمهور بقلبها، بينما تستند يديها بقوة إلى العكاز وتنطلق سريعا حتى تصل إلى موقعها.. تلقى نظرة على المكان الذى تحيطه الهيبة ويمتلئ بالجماهير قبل أن تأخذ نفسا عميقا وتطلق العنان إلى صوتها على نغمات "البوسطجية اشتكوا".
وقفتها التى تشير إلى سيدة تخطت الثمانين عام تتفوق عليها ابتسامتها وصوتها الذى يملأ المسرح، تجاعيد وجهها يخفيها الشغف الذى يطل من عيونها مع كل "كوبليه"، فجأة يتحول تصفيق المجاملة فى بداية الحفل إلى تصفيق إعجاب حاد، تتعالى صيحات الجماهير فتنسى الخوف الذى بدأت به، وتكتب اسمها بوضوح كأكبر مغنية تقف على مسرح فى مصر وربما فى الوطن العربى.
هذه كانت "ماما زوزا" كما يعرفها الجميع، قبل حوالى 6 سنوات من الآن تبدأ رحلتها للغناء بعدما عبرت عامها الـ80، تكسر حدود الحوائط الأربع الذين حاصروها بعد وفاة زوجها، هذه كانت "ماما زوزا" وهى "تعلى صوتها بالغناء" لأنه مثلما تقول "لسة الأغانى ممكنة.. والأهم أنه لسه الحياة ممكنة".
فى حوار قبل بداية البروفة السيدة التى تعتبر الآن نجمة فريق "الأصالة فى ربيع العمر" الغنائى، تعود إلى بداية القصة وتقول: بعد وفاة زوجى وزواج أولادى رفضت أن أبتزهم وأبتز حبهم لأنى ربيتهم، ده كان حقهم عليا زى ما أهلى ربونى، وقتها قررت أشوف حياتى، واشتركت فى مجموعة للرحلات ولفينا مصر وهناك اكتشفت أنهم عاملين كورال غنائى وقررت أشترك معاهم ومع الوقت بقيت نجمة الفريق.
ماما زوزا تغنى أثناء البروفة وتتابع: بعدها انتقلت لفريق ثانٍ ودى كانت بداية وقوفى على المسرح، قضيت سنتين معاهم وتعلمت حاجات كتير أهمها طلوع المسرح لأول مرة، والغناء قدام جمهور كبير، ومنه انتقلت لفريق الأصالة اللى بقالى معاهم لحد لوقتى 4 سنين.
مع أعضاء الفريق الغنائى تبتسم بشباب يكفى دولة بأكملها وهى تصوغ فلسفتها فى الحياة: القدر لا بد أن يأتى، ولكن يجب أن يأتى وأنا ما زلت على قيد الحياة، ليس وأنا ميتة بالفعل، يجب أن أحب الحياة وأعيشها وحينما يأتى القدر لا خوف منه.
مع أعضاء الفريق ماما "زوزا" ثقافتها الموسيقية لا تتوقف فقط عند الموسيقى التى تربت عليها مثلما تحكى: أه بحب طبعا الموسيقى الأصيلة لكن كمان الجيل الجديد ليه حاجات حلوة، وبحب منه تحديدا نانسى عجرم لأن دمها خفيف وصوتها وأداؤها حلوين.
تقطع الغناء بابتسامة من البروفات والتدرب على الأغانى الجديدة إلى اختيار ملابس الحفلات وجلسات ساقية الصاوى تتحرك حياة "ماما زوزا" وفى كل شىء ستجدها مختلفة حتى أصدقائها معظمهم من الشباب "مبحبش أدخل فى حوارات الكبار اللى كلها جنبى واجعنى وبطنى وجعانى"، تقولها وتتابع: لازم كل الناس تعرف إن الحياة لسه فيها، وإن مفيش وقت متأخر على فكرة جديدة، طول ما فينا الروح يبقى لسة نقدر.
|