تشهد البورصة المصرية للمرة الثانية على مدار 3 سنوات، عمليات نزيف النقاط على خليفة شائعة فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية والأموال الموجودة فيها، مما أدى إلى هبوط المؤشر الرئيسى لليوم الثانى على التوالى تحت ضغط عمليات بيعية من قبل المستثمرين خاصة الأجانب والعرب والمؤسسات على أسهم قيادية ذات وزن نسبى.
وكانت الأزمة الأولى لقرارات فرض الضرائب على البورصة يوم 5 مايو 2008، وأولى الهزات العنيفة للبورصة المصرية إذ انخفض المؤشر الرئيسى لها بنسبة كبيرة.
من جهته قال مصطفى بدرة، خبير أسواق مال: إن السوق ليست مؤهلة لفرض ضرائب على الارباح الرأسمالية فى الوقت الراهن، حيث تعانى البورصة الكثير من العقبات، وليست فى حاجة الى معوقات اخرى اشد قسوة من مثيلتها، والتى يكون أداؤها كبيرًا على طرد رؤوس الاموال الاجنبية.
واضاف، ان البورصة بدأت تتعافى تدريجيا، إلا ان الشائعات الاخيرة ضربت المؤشر وجعلته يتجه الى نزيف النقاط مرة اخر وبشكل كبير، بعد اتجاه الاجانب والمؤسسات نحو البيع على اسهم قيادة ذات وزن نسبى فى المؤشر الرئيسى.
وأوضح ان تصريحات المسئولين اصبحت تصيب البورصة بحالة انهيار لأنها تؤثر على السوق بشكل كبير وتدفعها الى فقد الكثير من النقاط.
شاركه الرأى سعيد هلال، رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة الهلال السعودى ، قائلا: " ان تصريحات المسئولين بالبورصة اصبحت تصيب البورصة فى مقتل وتفدقها الكثير من الارتفاعات التى حققتها خلال الجلسات الماضية.
وأضاف أن ما يحدث ليس المرة الأولى لكنها الثانية، حينما حدث نفس الأمر فى نفس الشهر من عام 2008 حيث ضربت الشائعات السوق، وأفقدتها الكثير من القفزات التى حققها، لافتا الى ان تلك المرحلة كانت البداية للعد التنازلى للبورصة حيث دخلت فى دوامة الاتجاه العرضى متأثرة بأزمة المال العالمية، والتى بدأت تتعافى منها إلا ان ثورة الخامس والعشرين من يناير كانت لها تأثير مماثل للأزمة العالمية على البورصة المصرية.
وأشار الى ان هذه الضربات افقدت البورصة المصرية القدرة على العودة نحو الصعود بقوة، لافتا الى ان حالة من التفاؤل كانت قد سيطرت على المنتعاملين خلال الجلسات مما ادة الى تخطى المؤشر منطقة القناة العرضية ما بين 4800 و5200 نقطة.
وعلى الجانب الرسمى، نفى أحمد رفعت، رئيس مصلحة الضرائب بوزارة المالية، ما ورد على لسان الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن والعدالة الاجتماعية، بفرض ضريبة على معاملات سوق الأوراق المالية "البورصة المصرية".
وقال ان إجراء مثل هذا يحتاج لمرسوم بقانون من المجلس العسكرى بصفته حاكم البلاد، مؤكدا ان مصلحة الضرائب لم تطرح هذا الأمر على اى جهة.
من جهته نفى محمد عبدالسلام رئيس البورصة المصرية، ما تردد بشأن اتجاه الحكومة لفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية والأموال الموجودة فى البورصة ، مؤكدا ان هذه الأنباء عارية تماما من الصحة ولا تعكس سوى الرأى الشخصى لأصحابها.
أضاف " أجريت اتصالا بوزير المالية، والذى أكد لى عدم وجود أى توجهات لدى الحكومة لفرض أى نوع من الضرائب على الأرباح الرأسمالية والأموال فى البورصة المصرية، وهو ما أكده أيضا رئيس الوزراء".
وأشار "عبدالسلام"، إلى أن هناك مقترحات مشابهة لتلك التى تم اطلاقها الخميس الماضى، إلا ان ذلك لا يعنى تنفيذها، مؤكدا تأثر البورصة بهذه التصريحات حيث تراجع المؤشر اليوم للمرة الأولى منذ 15 يومًا نتيجة مثل هذه التصريحات.
وحول الزيارة التى يقوم بها حاليا إلى نيويورك والتى سيختتمها غدا الاربعاء، قال رئيس البورصة، إن نيويورك تعد واحدة من أهم المراكز المالية فى العالم، كما أن لديها العديد من المؤسسات المالية العاملة فى مجال الاستثمار بالأسواق المالية الناشئة.
وأشار إلى أنه التقى رؤساء وممثلى كبرى الشركات والمؤسسات المالية العالمية مثل "مرجان ستانلي" و"دوتش بنك" و"ديبونت" التى يبلغ حجم استثماراتها فى السوق المصرية مليارى دولار، بالإضافة إلى ممثلى شركات أمريكية اخرى مثل "يو بى إس نيويورك" و"كارفل مانجمنت" و"كومبيت" و"كابيتال ماركتس" و"ستاندر آند بورز".
وتابع "أن اللقاءات مع ممثلى هذه الشركات اتسمت بالصراحة والشفافية الكاملة، حيث أعربوا عن مخاوفهم مما يدور حاليًا فى السوق المصرية، وكانت أكبر التساؤلات التى أثاروها معى ما يتعلق بغياب الأمن فى الشارع المصرى وانعكاسات ذلك على الاستقرار الاقتصادى وحركة التدوال فى البورصة المصرية باعتبارها مرآة للأوضاع الاقتصادية والسياسية فى البلاد".
واستطرد: "لقد أعربوا أيضا عن تخوفاتهم بشأن امكانية سيطرة الجماعات الدينية والتيارات الاسلامية المتشددة على الحياة السياسية فى مصر من خلال فوزهم بغالبية المقاعد فى الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها سبتمبر المقبل، لكننا أكدنا لهم توقعاتنا بأن هذه التيارات لن يكون بامكانها الحصول على غالبية المقاعد".
واتفق رؤساء وممثلو كبرى الشركات والمؤسسات المالية العالمية على أن المجلس العسكرى هو الضامن الوحيد فى مصر الآن للمحافظة على الاستقرار السياسى والاقتصادى فى البلاد، وانه من غير المحتمل حدوث أي تحولات فى توجهات السياسة الاقتصادية مستقبلا، حسب "عبدالسلام".
وأكد رئيس البورصة أن المخاطر السياسية فى مصر انخفضت بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير بسبب اصرار المجتمع المصرى حكومة وشعبا على اقتلاع الفساد من جذوره، مضيفا: "أن الحكومة الحالية ماضية فى مواجهة للقضاء على الفساد وهو ما أدى إلى تحول واضح فى حركة التدوال بالبورصة، حيث بدأت المؤسسات وصناديق الاستثمار فى الاستحواذ على 70% من متوسط حجم التداول فى تعاملات السوق اليومية بعد أن كانت نسبتهم قبل الثورة لا تتعدى 30% فقط".
ونفى "عبدالسلام" خروج أى أموال من السوق المصرية بعد ثورة 25 يناير، لافتًا إلى أن بعض الأجانب قاموا بعمليات بيعية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة ولا توجد أرقام دقيقة بشأن هذه العمليات.
واوضح رئيس البورصة، أنه سيتم الاكتتاب فى صندوق "مصر المستقبل"، الذى تم تأسيسه لمساعدة المستثمرين الراغبين فى دخول السوق المحلية، الأحد المقبل، من خلال البنوك التى لديها فروع فى مصر والدول العربية بهدف إتاحة الفرصة للمصريين المغتربين والأجانب الراغبين فى الدخول إلى السوق المصرية.
وردا على سؤال بشأن انعكاسات قضايا الفساد التى يجرى التحقيق فيها حاليا على حركة التعامل فى البورصة، اعترف عبد السلام بأن هناك اثارا سلبية انعكست فى البداية فقط على أداء البورصة جراء تفجر قضايا الفساد.
وتابع: "لقد أدرك المتعاملون فى البورصة أن هناك فصلا كاملا بين الملكية والإدارة فى الشركات التى تورط أصحابها فى قضايا فساد ويجرى التحقيق معهم حاليا، وتأكد الرأى العام أن عجلة الإنتاج لم تتوقف فى هذه الشركات بسبب حبس أصحابها.
وعن التحديات الراهنة التى تواجهها البورصة المصرية، قال: إن أبرز هذه التحديات تتمثل فى عودة الاستقرار الأمنى إلى البورصة المصرية وخفض نسبة التضخم وحجم البطالة وتقليل العجز فى الميزان التجاري.
|