ننشر نص وصية "محمد محرز" الشهيد المصرى بالثورة السورية

 


 



نشرت " شيماء على" زوجة الشهيد محمد محرز والذى لقى حتفه أمس الأول الثلاثاء أثناء مشاركته فى الثورة السورية، على حسابها الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وصية الشهيد.



فقد أوصى "محرز" بألا يقيم أهله عزاء وأن يدعو الله بأن يحتسبوه شهيدًا، وتخصيص مبلغ الألفى جنيه التى فى حسابه البنكى كصدقة جارية، مؤكدًا انه خرج للجهاد بعد أن رأى معاناة السوريين أثناء قيامه بأعمال إغاثة اللاجئين.



وجاء نص الرسالة كالآتى:



"إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً،



أما بعد: فهذه وصية الفقير إلى الله: محمد عبد المجيد محمد على محرز إن ما أخرجنى لسوريا هو إقامة فريضة غابت عن كثير من أبناء أمتنا ألا وهى فريضة الجهاد، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "ما ترك قوم الجهاد إلا عمّهم العذاب"، وقال أيضا " إذا تبايعتُم بالعِينةِ، و أخذتُم أذنابَ البقرِ، و رضِيتُم بالزَّرعِ، و تركتُمُ الجهادَ سلَّط اللهُ عليكم ذُلًّا لا يَنزِعُه حتى ترجِعوا إلى دِينِكم".



وها نحن نرى صنوفًا من العذاب والذل بسبب تقاعس المسلمين عن أداء هذه الفريضة، وقد عملت على ملف اللاجئين السوريين وعلمت وخبرت مآسى عدة وإن الله قد أمرنا بإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم فما كان لى أن أقعد وإخوانى يذبحون، وما كان لى أن أتأخر وأمامى سبيل يسره الله لى وهو الذى أمرنا بالنفير خفافا وثقالا "انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"، وأخرجنى لسوريا قوله تعالى "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِى سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" فكيف لشاب فى سنى لا يستطيع حمل السلاح ولا يعلم فنون القتال؟ وأخرجنى للشام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكم بالشام" و "عقر دار المؤمنين بالشام"، والخلاصة أن ما أخرجنى الآيات والأحاديث التى تتحدث عن فضل الجهاد ونصرة المظلوم، وخاصة سورتى الأنفال والتوبة التى أوصيكم بتعلمهما وتعليمها لأبنائكم.



أوصيكم جميعًا أن تخلصوا فى الدعاء لى بالثبات والصبر والإخلاص والقبول وأن يرزقنى الله الشهادة فى سبيله مقبلا غير مدبر شهادة خالصة لوجهه الكريم يرضى بها عني، وأن تدعو لأمى وزوجتى بالصبر وبأن يربط الله على قلبيهما، وأن تسامحونى جميعا فيما قصرت فيه نحوكم، وأسأل والدى أن يكونا راضيين عني، فبدون رضاهما يحبط عملى والعياذ بالله.



وفيما يلى وصيتى التى أوصى بها وأنا فى كامل قواى العقلية والحسية والأوصاف المعتبرة شرعاً استجابة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصى فيه إلا و وصيته مكتوبة عند رأسه)



أنى أشهد أن لا إله إلا الله شهادة حق وصدق وأن محمداً عبده ورسوله، أدى الرسالة وبلغ الأمانة ونصح الأمة وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه ما أظلم ليل وأسفر نهاره، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الموت حق والساعة حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق والملائكة حق وأن القدر خيره وشره حق وأن الله يبعث من فى القبور، وأسأل الله سؤال مفتقر إلى إجابته أن يحسن الله لى الخاتمة وأن يكتبنى ويقبلنى فى عداد الشهداء فى سبيله وأن يقينى من شر نفسى ومن شر الشيطان وفتنته وتسويله وأن يخلفنى ذرية تعبد الله وحده لا شريك له وتجاهد فى سبيله حق الجهاد حتى يأتيها اليقين.



هذا وإنى أوصى زوجتى وأهلى جميعاً ألا يخرجهم الحزن إلى الجزع، فمن أحبنى منهم فليصبر وليحتسب وليعوض حزنه بالصدقة عنى حيث أكون أحوج ما أكون إليها.



وأوصيهم ألا ينسونى فى دعائهم فما قدموا لى شيئاً أنفع منه ولا برونى بشيء يفضله فليحرصوا عليه، خصوصاً فى مواسم الخيرات والأوقات التى يُتحرى فيها الدعاء.



وأوصيهم بأن يجعلوا همهم لله والدار الآخرة؛ فقد قال نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -: (من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه فى قلبه وجمع شمله وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له) كما أوصى أولادى جميعاً بأن يتقوا الله فى أولادهم وأن يجتهدوا فى تربيتهم وتعليمهم على نحو ما ينفع الإسلام والمسلمين وأن يحذروا أشد الحذر من أن تدخل سموم الفكر الفتاكة بالأذهان والأديان إلى بيوتهم، ومتى رأوا شيئاً مما خلفت لا يرضى الله فعليهم أن يتخلصوا منه لئلا يصل إلى وزره وشره.



ثم إنى أوصى أهلى من بعدى أنهم كما وحدتهم الأخوة والقربى والرحم ألا يفرقهم اختلافهم على مال أو ماديات، فإن الدنيا أهون على الله من جناح بعوضة، وأذكركم بحديث الهادى العدنان (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشَى عليكم أن تُبسَطَ عليكمُ الدُّنْيا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كان قبلكم، فَتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُلْهيَكُم كما ألهَتْهُمْ).



كما أوصيهم بأن يصلوا أرحامهم ولا يقطعوها فإنه لا يدخل الجنة قاطع رحم، ولا يغب عن بالهم معرفة قريب أو صديق إلا وصلوه وتعاهدوه فى الزيارة فإنه من البر بي، وأن يطلبوا من كل من يعرفنى من الأقارب والأباعد أن يحللنى من أى أذى وصله مني.



اعلموا أنى مفارقكم وإن طال المدى، فهذه أدوات السفر تجمع، ومنادى الرحيل يسمع والمرء لو عمّر ألف سنة لابد له من هذا المصير كما ترون.



إن الله كتب الموت على بنى آدم فهم ميتون، فأكيسهم أطوعهم لربه، وأعملهم ليوم معاده، وهذه وصية مودع ونصيحة مشفق، حسبى وحسبكم الله الذى الذى لم يخلق الخلق هملا، ولكن ليبلوكم أيكم أحسن عملا { يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } ، { يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم }،{ يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور * ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور}.



أعظم فرائض الله بعد التوحيد الصلاة، الله الله فى الصلاة، فإنها خاصة الملة وأم العبادة، والزكاة أختها الملازمة، والصوم عبادة السر لمن يعلم السر وأخفى، والحج مع الاستطاعة ركن واجب، و ذروة سنام الإسلام الجهاد فى سبيل الله، هذه عمد الإسلام وفروضه فحافظوا عليها تعيشوا مبرورين وعلى من يناوئكم ظاهرين، ولا تخوضوا فيما كره السلف الخوض فيه، وعليكم بالعلم النافع، فالعلم وسيلة النفوس الشريفة، وشرطه الإخلاص والخشية لله مع الخيفة وخير العلوم علوم الشريعة، وانبذوا العلوم المذمومة، فإنها لا تزيد إلا تشكيكا .



والكذب عورة لا توارى، وحافظوا على الحشمة والصيانة، وأوفوا بالعهد وابذلوا النصح، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تطغوا فى النعم، ولا تنسوا الفضل بينكم، ولا تنافسوا فى الحظوظ السخيفة، وإذا أسديتم معروفا فلا تذكروه، وإذا برز قبيح فاستروه، وأصلحوا ذات بينكم واحذروا الظلم، واعرفوا حق الأكابر، وارحموا الأصاغر، وبروا والديكم، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، وأحسنوا إلى الجيران، واحذروا التباغض والتحاسد، واعلموا أن جماع الأمر تقوى الله.



وأوصى زوجتى شيماء بحسن تربية ابنتنا وفقا لما خططنا له مسبقا بخصوص خريطة العلوم الإسلامية بعيدا عن التعليم النظامى وأن ترعاها وتراعى الله فيها، وأوصيها ببر والدتى وأن تجتهد أن تقوم منها مقامى وكذلك مع إخوتى وأبنائهم.



أما بالنسبة لأموالى فليس على ديون لأحد، ولا أملك إلا الدراجة النارية وحسابى المصرفى رقم 26804 ببنك بى إن بى باريبا فرع شيراتون وأوصى بأن يتم تخصيص مبلغ 2000 جنيه كصدقة جارية عني.



كما أوصى بأن يكون الوصى على أبنائى القصر هو: حازم عبد المجيد محمد محرز وله أن يوكل زوجتى أو أى من إخوتى فيما يراه يحقق نفع أبنائي.



وأخيرا، أوصيكم إذا قدر الله لى الشهادة فى سبيله ووصلكم خبرى ألا تجزعوا بل اصبروا وافرحوا وادعوا لى بالقبول والرحمة والمغفرة، ولا تقيموا عزاء ولكن استبشروا خيرا من ربكم وتصدقوا عني، وإذا استطعتم أن تذبحوا وتطعموا الفقراء والأقارب والأصدقاء فبها ونعمت، ومن استطاع منكم أن يعتمر أو يحج عنّى فليجزه الله خيرا.



كان الله خليفتى عليكم فى كل حال، وموعد اللقاء دار الخلود، والله أسأل أن يجمع شملنا المتصدع الذى فرقته الدنيا للسعى وطلب الرزق فعسى أن يجمعنا فى الفردوس فى مستقر رحمته، والسلام عليكم من حبيب مودع.



وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم



الموصي



محمد عبد المجيد محمد محرز



التاريخ: 17 يناير 2013



 



 



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي