"CNBC" وباء كورونا يمهد الطريق أمام "عصر النحاس"

 


من المرجح أن يمهد وباء كورونا الطريق أمام "عصر النحاس".. هذه الكلمات جاءت على لسان مدير الطاقة والمناخ والموارد في "أوراسيا جروب"، حيث يتزايد الطلب على المعدن الأحمر مع مضاعفة الحكومة الاستثمارات، وتلقت السلعة الأساسية، والتي تعتبر بمثابة راصد للحالة العامة للاقتصاد، ضربة خلال أزمة كورونا، وفقاً لتقرير نشرته شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية، ودفع ركود الطلب الأسعار للهبوط بالتزامن مع ذروة الوباء في مارس.



ومع ذلك، كان يتداول المؤشر الرئيسي للنحاس في بورصة لندن للمعادن في نطاق 5909 دولار لكل طن متري يوم الثلاثاء الماضي بارتفاع 0.5 %، ويقف هذا المستوى بالقرب من أعلى مستوى لسعر النحاس في حوالي 5 أشهر البالغ 5928 دولار والذي سجله في وقت سابق من هذا الشهر، بحسب ما أوضحته وكالة رويترز.



ويوضح "هينينج جلويستين" من أوراسيا جروب خلال مذكرة بحثية نشرت مؤخراً أن الوباء من المتوقع أن يؤدي لتسريع الاتجاهات نحو الاستثمارات البيئية المدعومة من الحكومة ونحو الرقمنة، والتي تبشر بطفرة قادمة في الطلب على النحاس.



ومن شأن برامج التحفيز الضخمة الرقمية والخضراء وخاصةً في آسيا وأوروبا، أن تهيئ الظروف أمام طفرة في الطلب على النحاس، حيث إن السيارات الكهربية وشبكات "5G" وتوليد الطاقة المتجددة جميعهم يتطلب كميات كبيرة من المعدن الأحمر، وفقاً لما قاله "جلويستين".



ويمكن أن يتراجع الطلب على النحاس بما يصل إلى 5 % في عام 2020، بسبب الركود الذي خلفه وباء كورونا، كما يتوقع المحلل في أوراسيا جروب، لكن تدابير التحفيز المالي واسعة النطاق قد تساعد في عودة الطلب على المعدن إلى مستويات ما قبل الأزمة والمسجلة في العام الماضي، حسبما أشار "جلويستين"، مع حقيقة أن التجار وعمال المناجم يتوقعون تعافي الاستهلاك بنحو 4 % في عام 2021.



ورفع محللون في "بنك أوف أمريكا" تقديراتهم بشأن أسعار المعدن في وقت سابق من هذا الشهر، حيث يتوقعون أن ترتفع الأسعار بنحو 5.4 % في عام 2020 لتصل إلى 5621 دولار للطن،لكنهم أبقوا على توقعاتهم لأسعار النحاس في عام 2021 كما هي دون تغيير عند مستوى 6250 دولار للطن.



ويرجع المحللون بالبنك الأمريكي توقعاتهم إلى خطط التحفيز المالي المحوظة، وتكهنات أن يكون هناك المزيد من عمليات شراء المواد الخام وسط خروج الدول من عمليات الإغلاق الوطني، ويتوقع كذلك محللون في "مورجان ستانلي" أن يتعافى القطاع إلى مستويات ما قبل الوباء، حيث يتوقع أن تعزز تدابير التحفيز العالمية والإنفاق على البنية التحتية الصينية واضطرابات المعروض من الطلب على المعدن.



وطبقاً لمذكرة أوراسيا جروب، من المتوقع أن تعطي الطاقة النظيفة وبرامج الرقمنة دفعة لمتوسط النمو السنوي في الطلب على النحاس تصل إلى 2.5 % خلال هذا العقد، والتي من المرجح أن تدفع الاستهلاك نحو 30 مليون طن بحلول عام 2023، وطبقاً لـ"جلويستين"، فمن شأن تغيرات السياسة في آسيا وأوروبا أن تلعب دوراً هاماً في حدوث طفرة في الطلب مع حقيقة أن التحولات في النقل يتوقع أن تكون أكبر محرك لاستخدام النحاس.



ويضيف أن صناعة السيارات الكهربية تُشكل حالياً ما يصل إلى 1 % من الطلب على النحاس، موضحاً أنه بحلول عام 2023 يتوقع العديد من المحللين أن يصل هذا الرقم إلى 10 %، وكان من المتوقع أن تستثمر الصين مئات المليارات من الدولارات في رقمنة اقتصادها في غضون العقد المقبل، كما يشير "جلويستين".



في حين أقرت الدول حول كافة أنحاء العالم استثمارات هائلة في البنية التحتية الخضراء والسيارات الكهربية، ويتابع: "النحاس سيكون مدخلاً رئيسياً في كل الصناعات تقريباً التي يجرى الترويج لها في الوقت الحالي"، قائلاً: "مرحباً بكم في عصر النحاس".



في حين أن "جلويستين" اعترف بأن دول نصف الكرة الجنوبي التي لديها قطاعات ضخمة لاستخراج النحاس سوف تستفيد من زيادة الطلب على المعدن، لكنه أشار إلى أن تأثير الصين في الصناعة قد يدفع بكين لاكتساب نفوذاً سياسياً في كل من أستراليا وأمريكا الجنوبية.



ويضيف أن صعود اقتصاد النحاس سوف يخلف تداعيات سياسية، قائلاً: "من المرجح أن المركز المهيمن للصين كمشتري للمواد الخام سوف يعطيها المزيد من النفوذ السياسي بشأن مناطق تعدين النحاس، وتُعد الصين هي أكبر مستخدم للنحاس النقي في العالم، طبقاً لأوراسيا جروب، حيث استهلكت البلاد حوالي 13 مليون طن في العام الماضي.



وتزايدت التوترات بين الصين وأستراليا في السنوات الأخيرة بعدما حظرت أستراليا شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" من شبكاتها المحلية "5G"، لتساند الولايات المتحدة في مزاعمها بأن وجود الشركة في البنية التحتية يُشكل تهديدات أمام الأمن القومي.



وتضررت العلاقات أكثر مؤخراً بفعل مطالبة الحكومة الأسترالية بعقد تحقيقات في الدور الصيني في تفشي وباء كورونا، ومع قيام بكين بفرض تعريفات استيراد على بعض السلع الأسترالية، وفي حين أن هناك بعض الدعم بين المشرعين الأستراليين لإعادة توجيه الصادرات بعيداً عن الصين، فإن "جلويستين" أشار إلى أن الطلب الآخذ في الزيادة على النحاس قد يحد قدرة البلاد على تحقيق هذا الهدف.



وفي الوقت نفسه، فمن شأن النفوذ الصيني أن يتزايد على الأرجح في تشيلي - أكبر مصدر للنحاس في العالم - والتي تشارك في مبادرة الحزام والطريق الصينية، كما يضيف،وتشير المذكرة إلى أن مبيعات تشيلي إلى الصين تمثل بالفعل حوالي ثلث إجمالي الصادرات، موضحة أنه من المرجح أن يؤدي ارتفاع مبيعات النحاس إلى زيادة هذا الاعتماد وتعرض البلاد إلى الضغوط السياسية من جانب بكين في العديد من الأمور بما في ذلك مفاوضات التجارة الخاصة بالمحيط الهادئ، واستخدام معدات هواوي والعلاقات مع الولايات المتحدة.



وينطبق الأمر نفسه على بيرو، كما يحذر "جلويستين"، والتي تصدر سلعاً للصين تعادل نحو ضعف ما تصدره لأوروبا أو الولايات المتحدة.



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي