"التنمية البشرية 2011": الاستدامة البيئية تتطلب تقليص الفوارق فى الصحة والتعليم والدخل

 


توقع تقرير التنمية البشرية لعام 2011 الذى أطلقه اليوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائى UNDB  أن يتعرض التقدّم الذى أحرزته أشد البلدان فقرًا فى العالم للتباطؤ أو التراجع فى أواسط هذا القرن ما لم تتخذ خطوات جريئة على الفور لتخفيف آثار تغيّر المناخ، والحد من الأضرار البيئية، وتقليص الفوارق داخل البلدان وفيما بينها.



ويؤكد تقرير التنمية البشرية الذى أطلق اليوم بعنوان "الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع" أن تحقيق الاستدامة البيئية يتطلب تقدّماً فى تقليص الفوارق فى الصحة والتعليم والدخل، كما يتطلب مبادرة عالمية فى مجال إنتاج الطاقة وحماية النظم الإيكولوجية.  وقد أطلقت مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، هلن كلارك (Helen Clark)، تقرير التنمية البشرية لهذا العام، بحضور رئيس وزراء الدانمرك هله ثورنينغ شميدت  (Helle Thorning-Schmidt)، الذى تعهّدت حكومته بتخفيض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى الدنمارك بنسبة 40 فى المائة فى الأعوام العشرة المقبلة.



وبينما ينشغل المجتمع الدولى بالإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة، المقرر عقده فى ريو دى جانيرو فى يونيو 2012، يؤكد هذا التقرير أن قضية الاستدامة هى قضية عدالة اجتماعية لأجيال الحاضر وأجيال المستقبل على السواء.



والاستدامة بمفهوم هذا التقرير، ليست حكرًا على البيئة، بل تعنى على حد ما ذكرته مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى التمهيد لهذا التقرير "أن نعيش حياتنا مدركين أن كل عمل نقوم به الآن سيكون له أثر على سبعة مليارات نسمة تعيش على الأرض اليوم ومليارات أخرى ستتوالى على هذه الأرض على مدى قرون من الزمن."



وبين عامى 1970 و2010، أحرزت البلدان الواقعة فى آخر فئة من ترتيب البلدان حسب دليل التنمية البشرية تحسّناً فى هذا الدليل بنسبة 82 فى المائة، أى بنسبة عادلت ضعفى متوسط التحسّن العالمي.



وقد أشار التقرير إلى إنجازات كبيرة حققها العالم على صعيد التنمية البشرية فى أقل من قرن.  وإذا استمر التقدّم بالسرعة التى شهدتها الأعوام الماضية على مدى الأعوام الأربعين المقبلة، فستتمكّن غالبية البلدان بحلول عام 2050 من الارتقاء بدليل التنمية البشرية إلى مستويات تعادل مستويات البلدان الواقعة حالياً فى الفئة الأولى من ترتيب دليل التنمية البشرية أو تضاهيها. غير أن هذه الاتجاهات الإيجابية قد تتعثر فى منتصف هذا القرن بفعل مخاطر بيئية تتحمّل أشد البلدان فقراً العبء الأكبر منها، جراء التعرض لمخاطر الكوارث الناجمة عن تغيّر المناخ كموجات الجفاف والفيضانات، والتعرض لتلوث المياه والهواء.



وأكد التقرير أنه على الرغم من التقدم الذى أحرز فى الأعوام الماضية على صعيد التنمية البشرية، ازداد التفاوت فى توزيع الدخل واتسعت فى بعض الأحيان الفوارق بين الجنسين؛ وحسب التقرير تتحمّل الأسر والمجتمعات الفقيرة عبئاً مزدوجاً جراء تسارع التدهور البيئي.  ويشير التقرير إلى أن نصف حالات سوء التغذية فى العالم تُعزى إلى عوامل بيئية، مثل تلوّث المياه وندرتها بفعل الجفاف، مما يؤدى إلى استمرار دوامة الفقر والمخاطر البيئية.



ويشير التقرير إلى أن ارتفاع مستويات المعيشة يمكن أن يتحقق من غير زيادة فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون ومن غير اتباع نموذج البلدان الثرية. وبينما يقدّم التقرير دلائل على وجود علاقة تناسب بين نمو الدخل الوطنى وازدياد انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى العقود الأخيرة، أوضح عدم وجود رابط بين استهلاك الوقود الأحفورى ومقاييس التنمية البشرية الأخرى مثل متوسط العمر المتوقع ومستوى التعليم. والواقع أن العديد من البلدان المتقدّمة صناعياً تعمل حالياً على تخفيف بصمة الكربون والحفاظ فى الوقت نفسه على النمو.



وتقول هلن كلارك إنّ "النمو الذى يحركه استهلاك الوقود الأحفورى ليس شرطاً أساسياً لتحسين نوعية الحياة بالمفهوم الواسع للتنمية البشرية". "فالاستثمارات التى تتيح الحصول على الطاقة المتجدّدة والمياه وخدمات الصرف الصحى وخدمات الصحة الإنجابية يمكن أن تسهم فى تحقيق الاستدامة والتنمية البشرية على حد سواء. "



ويدعو تقرير التنمية البشرية إلى تأمين خدمات الكهرباء لحوالى 1,5 مليار نسمة لا تصلهم حالياً إمدادات الكهرباء. وهذا يمكن تحقيقه بوسائل مستدامة ومعقولة الكلفة من غير التسبّب فى زيادة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون. ومبادرة الحصول الشامل على الطاقة التى تدعمها الأمم المتحدة حالياً يمكن أن تتحقق باستثمار مبلغ لا يتجاوز ثمن (1/8) المبلغ الذى ينفق حالياً على دعم الوقود الأحفوري، والذى وصل فى عام 2009 حسب تقديرات هذا التقرير إلى 312 مليار دولار فى العالم.



 





جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي