برنامج الحكومة لمواجهة الفقر يسابق التضخم

 


عرضت الحكومة أمس برنامج عملها للسنوات الأربع القادمة، "2018/ 2019 – 2021/ 2022 مصر تنطلق" على البرلمان.


 


يتضمن البرنامج 5 أهداف استراتيجية، هي: حماية الأمن القومي، وبناء الإنسان المصري، والتنمية الاقتصادية، والنهوض بمستويات التشغيل، وتحسين مستوى المعيشة.


 


وفيما يخص تحسين المعيشة تضمن برنامج الحكومة حزمة من الإجراءات التي تساهم - مُجتمعة - في حماية الفقراء من الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.


 


ومن أهم هذه الإجراءات تغطية 3.5 مليون أسرة "18 مليون مواطن" بمعاشي "تكافل وكرامة" بتكلفة 80 مليار جنيه على مدار السنوات الأربع القادمة. ووفقًا لتقدير الحكومة، فإن الـ18 مليون مواطن يمثلون 60% من المواطنين تحت خط الفقر.


 


كانت الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، قد أعلنت أخيرا أن عدد الأسر المستفيدة من برنامجي الدعم النقدي "تكافل وكرامة"  قد تجاوز 2.8 مليون أسرة بما يشمل قرابة 10 ملايين فرد، ما يعني أن مستهدف الحكومة هو ضم 700 ألف أسرة للبرنامجين.


 


وإذا قمنا بتوزيع الـ80 مليار جنيه المخصصة للبرنامجين على عدد الأفراد المستهدفين، ستكون محصلة الفرد 93 جنيها شهريًا "476 جنيهًا للأسرة".


 


وكان اللواء أبوبكر الجندي، الرئيس السابق لجهاز التعبئة العامة والإحصاء، قد صرح بأن خط الفقر  للأسرة يقترب من 1000 جنيه في 2017، عقب اتخاذ الحكومة حزمة القرارات الاقتصادية المرتبطة بقرض صندوق النقد الدولي، وبالطبع سيرتفع خط الفقر مرتبطًا بمعدل التضخم، الذي من المتوقع أن تبلغ قيمته التراكمية في الفترة "2017- 2022" حوالي 70%، ما يعني أن الأسر التي سيكون دخلها الشهري أقل من 1700 جنيه ستكون على الأغلب تحت خط الفقر، وهو رقم بعيد للغاية عن تغطية معاشات وزارة التضامن الاجتماعي.


 


ولكن الأمر الجيد أن حزمة الحماية الاجتماعية لا تتوقف عند المعاشات فقط، فقد تضمن البرنامج بند "التوسع في نظام الزراعة التعاقدية لدعم الفلاحين"، وهذا بند شديد الأهمية خاصة أن ثلاثة أرباع الفقراء في مصر يقيمون في الريف، وقد توقفت الحكومة عن نظام الزراعة التعاقدية بشكل تدريجي منذ 1986، عندما حررت العلاقة بين الحكومة والفلاح، وألغت نظام الدورة الزراعية.


 


كانت الحكومة حتى هذا التاريخ ملتزمة بتوفير الأسمدة بأسعار مُخفضة، مقابل تحديد أنواع المحاصيل التي يزرعها الفلاح، وفق دورة زراعية تطبق على مستوى الجمهورية، على أن تشتري جزءا من هذا المحصول بسعر سابق التحديد، وعندما تم فك هذا الارتباط، نتج عنه ارتفاع كبير في الأسعار، لأن الحكومة كانت تحدد أسعارا للمحاصيل تقل بكثير عن سعر السوق الحر، ولم يستفد الفلاحون من هذه الزيادة، بل التجار هم من استفادوا.


 


وإذا عاد نظام الزراعة التعاقدية ستتم حماية الفلاحين من تقلبات السوق، وتحديد سعر عادل لمنتجه قبل أن يزرعه.


 


كما تضمن برنامج الحكومة بند رفع متوسط دخل العامل الزراعي تدريجيًا ليصل إلى 80 جنيها يوميًا، وهذا البند يضع العامل الزراعي أعلى بقليل من خط الفقر بنهاية البرنامج، وهو وإن كان أمرا غير مقبول إنسانيًا، أن يعمل الفرد ثم يبقى مُهددا بالهبوط أسفل خط الفقر، ولكن إذا استفاد نفس الفرد من خطط الدولة في توفير علاج للأوبئة مثل فيروس "سي" وتوفير شهادات تأمين على طريقة وثيقة "أمان"، وبرنامج دعم نقدي، فستتكفل هذه الحزمة بإبعاده عن خط الفقر.


 


لذا على الدولة أن تتوسع في هذه البرامج، ولا تكتفي بتغطية 60% فقط من المواطنين ببرامج الدعم النقدي، خاصة في الريف، للقضاء على النسبة الأكبر من الفقر.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي